أصدرت شركة آبل مؤخرًا نتائج الربع الرابع المالي والذي يوفر نظرة ثاقبة على صحتها المالية وأداء السوق، وقد أعلنت الشركة عن إيرادات وأرباح لكل سهم تجاوز توقعات وول ستريت، وبرغم ذلك سجلت انخفاض كبير في صافي الدخل بسبب فرض ضريبة لمرة واحدة في أوروبا، دعونا نحلل الأرقام ونحلل أداء القطاعات المختلفة ونستكشف ما ينتظر هذا العملاق التكنولوجي.
تقرير الأرباح للربع الرابع لشركة آبل
بالنسبة للربع المنتهي في 28 سبتمبر، أعلنت شركة آبل:
– الأرباح لكل سهم (EPS): بلغت الأرباح المعدلة لكل سهم 1.64 دولار وهو أعلى قليلاً من التقديرات البالغة 1.60 دولار.
– الإيرادات: بلغ إجمالي الإيرادات 94.93 مليار دولار متجاوزًا التقديرات الإجماعية البالغة 94.58 مليار دولار.
– إيرادات آيفون: حققت 46.22 مليار دولار متجاوزة التقديرات البالغة 45.47 مليار دولار.
– إيرادات ماك: سجلت 7.74 مليار دولار وهو أقل قليلاً من المتوقع 7.82 مليار دولار.
– إيرادات آيباد: بلغت 6.95 مليار دولار وهو أقل من التوقعات 7.09 مليار دولار.
– إيرادات المنتجات الأخرى: بلغت 9.04 مليار دولار مقارنة بالتقديرات البالغة 9.21 مليار دولار.
– إيرادات الخدمات: بلغت 24.97 مليار دولار وهو أقل من التقديرات البالغة 25.28 مليار دولار.
– الهامش الإجمالي: بلغ 46.2% وهو أعلى قليلاً من المتوقع 46.0%.
على الرغم من التوقعات الإيجابية في العديد من المجالات في سوق تداول الأسهم فقد انخفض صافي دخل أبل الإجمالي بشكل كبير، حيث أعلنت الشركة عن صافي دخل بلغ 14.73 مليار دولار أو 97 سنتًا للسهم، مقارنة بـ 22.96 مليار دولار أو 1.47 دولار للسهم في نفس الربع من العام السابق، ويعزى هذا الانخفاض إلى حد كبير إلى رسوم ضريبية لمرة واحدة بقيمة 10.2 مليار دولار تتعلق بنزاع ضريبي طويل الأمد مع الاتحاد الأوروبي.
نمو الإيرادات وأداء iPhone
إن قدرة آبل على زيادة الإيرادات الإجمالية بنحو 6% في الربع الأخير ملحوظة بشكل خاص، خاصة وأن ذلك تزامن مع إطلاق سلسلة ايفون 16 الجديدة، تم إطلاق هذا الموديل في 20 سبتمبر مما وفر للشركة أسبوعًا واحدًا فقط من المبيعات في هذا الربع، ويبقي الايفون هو حجر الأساس في أعمال شركة آبل حيث يمثل ما يقرب من 49% من إجمالي مبيعاتها.
أعرب الرئيس التنفيذي لشركة آبل “تيم كوك” عن تفاؤله بشأن مبيعات الايفون قائلاً: “كانت مبيعات ايفون 15 أقوى من مبيعات ايفون 14 في الربع السابق من العام، وكان ايفون 16 أقوى من ايفون 15، ويشير هذا الشعور الإيجابي إلى استقبال قوي لأحدث الأجهزة مما قد يبشر بالخير للمبيعات المستقبلية”.
تستمر قصة نجاح الايفون
يظل الايفون جوهرة تاج آبل، حيث يمثل ما يقرب من نصف إجمالي مبيعات الشركة، وقد أظهرت أحدث سلسلة من هواتف الايفون 16 التي وصلت إلى المتاجر في 20 سبتمبر نتائج مبكرة واعدة، وقد أفاد الرئيس التنفيذي “تيم كوك” بمعدلات تبني أقوى مقارنة بالموديلات السابقة، حيث ساهم الجهاز الجديد في نمو إيرادات الايفون بنسبة 6% ليصل إلى 46.22 مليار دولار، هذا الأداء جدير بالملاحظة بشكل خاص نظرًا لأن الهواتف الجديدة كانت متاحة فقط في الأسبوع الأخير من الربع.
ثورة الذكاء الاصطناعي في آبل
ربما يكون التطور الأكثر إثارة للاهتمام هو الدفع الاستراتيجي لشركة آبل نحو الذكاء الاصطناعي بنظام Apple Intelligence الجديد، تم إصدار هذه المبادرة للذكاء الاصطناعي كجزء من نظام iOS 18.1، وهي تمثل استجابة من شركة آبل على السباق على مستوى الصناعة من أجل التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي.
المؤشرات المبكرة واعدة، حيث كشف كوك أن معدلات تبني iOS 18.1 ضعف معدلات سابقتها، وتخطط الشركة لتوسيع قدرات الذكاء الاصطناعي في ديسمبر وتقديم أدوات كتابة محسّنة وتكامل ChatGPT، تليها توافر دولي أوسع ودعم لغوي في أبريل 2025.
الخدمات: محرك النمو
لا يزال قسم خدمات آبل محرك نمو قوي، حيث ارتفعت الإيرادات بنسبة 12% لتصل إلى ما يقرب من 25 مليار دولار، يمثل هذا القطاع الذي يضم كل شيء من اشتراكات iCloud إلى ضمانات AppleCare الانتقال الناجح للشركة إلى ما هو أبعد من الأجهزة.
وفي حين أن أداء قطاع الخدمات أقل قليلاً من توقعات المحللين، فإنه يوضح قدرة الشركة على تحقيق الدخل من قاعدة مستخدميها الضخمة بشكل فعال.
أداء متباين للأجهزة
أظهرت أقسام الأجهزة في الشركة أداءً متباينًا، ارتفعت مبيعات آيباد بشكل مثير للإعجاب بنسبة 8% إلى 6.95 مليار دولار، مستفيدة من الطلب المكبوت بعد الإصدارات الجديدة في مايو.
وشهدت أعمال Mac نموًا متواضعًا بنسبة 2% حيث وصلت إلى 7.74 مليار دولار مدفوعة في المقام الأول بمبيعات MacBook Air، ومع ذلك، شهدت فئة الأجهزة القابلة للارتداء، بما في ذلك AirPods وآبل ووتش انخفاضًا بنسبة 3% إلى 9.04 مليار دولار على الرغم من إطلاق منتجات جديدة.
التحدي الصيني
يعكس أداء شركة آبل في الصين ثالث أكبر سوق لها مدي حجم الضغوط التنافسية المتزايدة، فقد ظلت الإيرادات في منطقة الصين الكبرى ثابتة عند 15.03 مليار دولار حيث اكتسب المنافسون المحليون مثل هواوي أرضية، وأصبحت سوق الهواتف الذكية الصينية تنافسية بشكل متزايد، وقد انخفضت حصة آبل في السوق إلى 13.5% من 14.5% وفقًا لأبحاث السوق لشركة Counterpoint Technology.
التأثير المالي والتوقعات المستقبلية
تأثرت النتائج المالية للربع بشكل كبير برسوم ضريبية لمرة واحدة بلغت 10.2 مليار دولار تتعلق بحكم الاتحاد الأوروبي بشأن ممارسات آبل الضريبية في أيرلندا، أسفرت هذه الرسوم عن صافي دخل بلغ 14.73 مليار دولار بانخفاض من 22.96 مليار دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي، ومع ذلك، أظهرت الأرباح المعدلة للسهم (باستثناء الرسوم الضريبية) زيادة سنوية صحية بنسبة 12%.
بالنظر إلى المستقبل، تتوقع آبل نموًا في المبيعات “منخفض إلى متوسط الآحاد” للربع المنتهي في ديسمبر، مع توقع أن يحافظ نمو الخدمات على مساره الحالي عند حوالي 13%، تحافظ الشركة على وضع مالي قوي مع احتياطي نقدي يبلغ 156.65 مليار دولار وتستمر في إعادة القيمة إلى المساهمين من خلال عمليات إعادة شراء الأسهم الكبيرة والأرباح.
انتقال القيادة والتحديات المستقبلية
يمثل الربع تغييرًا كبيرًا في القيادة حيث يستعد المدير المالي “لوكا مايستري” للتنحي في يناير 2025 ليخلفه “كيفان باريك”، خلال فترة مايستري التي استمرت عقدًا من الزمان نمت القيمة السوقية لشركة آبل من 600 مليار دولار إلى ما يقرب من 3.5 تريليون دولار وهي شهادة على الإدارة المالية الاستثنائية للشركة.
التطلع إلى المستقبل
تواجه آبل العديد من التحديات والفرص في العام المقبل، يمكن أن يؤثر التأثير المحتمل للتغيرات السياسية وخاصة فيما يتعلق بسياسات التجارة الدولية على سلاسل التوريد العالمية الخاصة بها، بالإضافة إلى ذلك، قد تواجه إيرادات خدمات الشركة ضغوطًا بعد حكم قاضٍ فيدرالي بشأن احتكار محرك البحث من جوجل، مما قد يعرض عائدات كبيرة من مدفوعات محرك البحث الافتراضي لجوجل للخطر.
ومع ذلك، فإن النظام البيئي القوي لمنتجات آبل وأعمال الخدمات المتنامية والدفع الاستراتيجي نحو الذكاء الاصطناعي يضعها في وضع جيد لمواصلة النجاح، وتثبت قدرة الشركة على الحفاظ على النمو مع التغلب على التحديات التنظيمية والمنافسة الشديدة مرونتها وقدرتها على التكيف في ظل مشهد تكنولوجي متغير باستمرار.
مع استمرار شركة آبل في طرح ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة وتوسيع مجموعة منتجاتها، ستكون الأرباع القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت هذه الاستثمارات قادرة على دفع النمو المستدام والحفاظ على مكانة الشركة كواحدة من أكثر شركات التكنولوجيا قيمة وإبداعًا في العالم.
نبذة تاريخية عن شركة آبل وقصة نجاحها
حققت آبل إنجازًا تاريخيًا في 2 أغسطس 2018 عندما أصبحت أول شركة أمريكية مدرجة في البورصة تقدر قيمتها السوقية بتريليون دولار، وحطمت الشركة الأرقام القياسية مرة أخرى في أغسطس 2020 عندما أصبحت أول شركة أمريكية تصل قيمتها السوقية إلى 2 تريليون دولار، وتصاعدت هذه القيمة السوقية إلى 3.68 تريليون دولار بحلول ديسمبر 2024، كانت آبل واحدة من أكثر الشركات قيمة في العالم منذ عام 2010.
إن فهم سبب نجاح الشركة يتطلب النظر إلى أصولها وتاريخها منذ أول جهاز كمبيوتر من إنتاج شركة آبل (وهو جهاز آبل 1 الذي كان عبارة عن لوحة فقط بدون شاشة أو لوحة مفاتيح) إلى أحدث ساعة ذكية.
تأسست آبل على يد “ستيف جوبز” و “ستيف وزنياك”، وبدأت في مجال أجهزة الكمبيوتر المدمجة مع جهاز آبل 1 الذي اكتسب شعبية كبيرة باعتباره من الأشياء التي تستحق التجميع، كما أنه ساعد الشركة في الحصول على رأس مال كافٍ لبناء جهاز آبل 2 في عام 1977 وهو نفس العام الذي تأسست فيه الشركة رسميًا، قام وزنياك في الأساس بانشاء كلا الجهازين بينما تولى جوبز الجانب التسويقي.
لقد ساعد جهاز آبل 2 في زيادة إيرادات الشركة حتى منتصف الثمانينيات على الرغم من بقاء الأجهزة كما هي إلى حد كبير، حاولت الشركة إجراء تحديثات مثل جهاز آبل 3 وجهاز آبل ليزا، ولكن هذه التحديثات فشلت في الانتشار تجاريًا، وكان جهاز آبل 2 لا يزال يُباع ولكن الشركة كانت في ورطة مع بداية الثمانينيات.
كان إصدار جهاز Macintosh عام 1984 بمثابة قفزة إلى الأمام للشركة، ولكن شركة IBM لحقت بها في السنوات الفاصلة بين إصدار آبل 2 وإصدار Macintosh، وقد أدت الإيرادات المخيبة للآمال من جهاز Macintosh والصراعات الداخلية للسيطرة إلى قيام مجلس إدارة آبل بطرد جوبز لصالح جون سكولي، ومع ذلك، تقول بعض المصادر إن جوبز قرر الرحيل.
عمل جوبز في شركة NeXT Inc بعد مغادرته لشركة آبل، وبدأت الشركة في تنمية خطوط منتجاتها تحت قيادة سكولي الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي لآبل حتى عام 1993، تمتعت آبل بنمو قوي خلال تلك السنوات، لقد ابتكرت منتجات جديدة بما في ذلك الطابعات الليزرية وMacintosh Portable وPowerBooks وNewton، واستمرت منتجاتها في البيع بأسعار أعلى لذا كانت الهوامش سخية للشركة وأدت إلى نتائج مالية قوية.
ومع ذلك، كانت أجهزة الكمبيوتر الأرخص التي تعمل بنظام ويندوز تخدم سوقًا متوسطة الحجم أكبر بكثير خلال نفس الفترة، بينما استفاد ويندوز أيضًا من معالجات Intel القوية، بدا أن شركة آبل كانت متوقفة بالمقارنة.
فشل رئيسان تنفيذيان للشركة وهما “مايكل سبندلر” و “جيل أميليو” في تحويل الانتشار المستمر للأنظمة التي تعمل بأنظمة تشغيل ميكروسوفت، حيث أصبح ويندوز هو المعيار الصناعي لأجهزة الكمبيوتر، وفي النهاية شرع أميليو في معالجة بعض هذه المشكلات من خلال شراء شركة NeXT Inc الشركة التي يديرها مؤسس شركة آبل “ستيف جوبز”.
فرصة ثانية للرئيس التنفيذي
كانت آبل إما انعكاسًا أو رد فعل على “ستيف جوبز” منذ ظهور Macintosh فصاعدًا، كان جوبز يهدف إلى خلق تجربة مستخدم من شأنها إقناع الجميع بشراء Mac، كان جوبز يعتقد أن المنتج الثوري حقًا لا يمكن أن يعتمد على احتياجات ورغبات العملاء، يعتقد أن العملاء لا يمكنهم فهم قيمة المنتج حتى يستخدموه.
عندما أطاح جوبز بأميليو واستولى على زمام الأمور في الشركة مرة أخرى في عام 1997، أطلق iMac بحملة تسويقية قوية تتميز بشعار “Think Different”، غالبًا ما يُنسب الفضل إلى جوبز لإنفاق المال والوقت على التسويق، لكن التسويق والعلامة التجارية الممتازة كانت دائمًا مفتاحًا لنمو آبل، كان الفارق الحقيقي بين iMac وجميع المنتجات التي سبقته هو الجمال والتصميم.
كان جهاز iMac مجرد البداية حيث أطلقت الشركة سلسلة من المنتجات الناجحة التي عكست تركيزها الجديد على الأناقة وتجربة المستخدم، وشملت هذه المنتجات iBook وiPod وiPhone وMacBook Air وiPad، وأصبح جهاز iPod هو القاتل في فئة مشغلات MP3، كما تم إطلاق iPhone ثم هيمن على سوق الهواتف الذكية.
تم اعتبار كل هذه الأجهزة أفضل في الجودة وبالتأكيد في التصميم من المنتجات المنافسة، وكان جوبز لا يلين عندما يتعلق الأمر بالتصميم وقام بتلقين ثقافة آبل بأكملها في فن التصميم.